الاثنين، 7 نوفمبر 2016

القفزة الاقتصادية البرازيلية

حقق البرازيل قفزة اقتصادية بفضل تضافر مقومات متنوعة، و قد حرص على استغلال مزايا رصيده البشري وسعى إلى التحكم في مجاله الشاسع و توظيف موارده الطبيعية بتعبئة الاستثمار الأجنبي المباشر و الاقتراض الخارجي:
ماهي مقومات القفزة الاقتصادية البرازيلية؟
I - تعاقب نماذج التنمية:
1/ نموذج قائم على القومية الاقتصادية: بعد أزمة الثلاثينات:
- طبق هذا النموذج بعد أزمة الـ30نات إلى حدود 1964 من اجل تحقيق التنمية اعتمادا على الإمكانيات الذاتية للبلاد متمثلة في الاستثمارات الوطنية . 
- طبق نموذج التصنيع المعوض للتوريد ، الذي اعتمد على سياسة حمائية و توجيه العائدات المتأتية من الصادرات الفلاحية إلى القطاع الصناعي قتم إنشاء شركات عمومية كبيرة أوكلت لها مهمة تطوير الصناعات الثقيلة مثل سيداربراس في إنتاج الفولاذ.
=> نجح هذا التوجه في إرساء أسس صناعة وطنية قوية و نسيج صناعي متكامل لكنه واجه صعوبات مثل التبعية للخارج و توريد التجهيزات و عجز السوق الداخلية عن استيعاب الإنتاج الصناعي. 
2/ نموذج تنموي قائم على النهوض بالصادرات: منذ 1964
تم تطبيق في مرحلة ثانية نموذج التصنيع الحاث على التصدير و تطلب هذا النموذج زيادة تدويل الاقتصاد البرازيلي و تدعيم ارتباطه بالأسواق الخارجية وانفتاحه على الرأس المال الأجنبي و المحلي.
- اهتمت الدولة بالزراعات التصديرية لتوفير عائدات للتصنيع و وضعت القوانين المشجعة للاستثمار و هيئت البنى التحتية و المناطق الحرة و عملت على الضغط على الأجور و الحد من تكلفة الإنتاج و التخفيض من قيمة العملة و بالتالي أصبحت المنتجات قادرة على المنافسة. لكن رغم تحقيق نمو اقتصادي حثيث إلا ان هذا النموذج أدى إلى التضخم المالي و تسبب في عجز الميزانية و ارتفاع المديونية و تأزم الهياكل الفلاحية و تنامي الفوارق الاجتماعية.
3/الانفتاح الاقتصادي: بداية التسعينات
تمثل في :
- تخلي الدولة عن المشاركة المباشرة في الإنتاج و تحرير المبادلات التجارية و توثيق العلاقات مع الخارج
- تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي الذي فرضه صندوق النقد الدولي بإزالة الحواجز الجمركية و خوصصة المؤسسات العمومية وهو ما أدى إلى ارتفاع الإنتاج الصناعي و الفلاحي و بناء نسيج صناعي مندمج ليصبح البرازيل بلدا صناعيا جديدا متميزا.
II - مزايا الرصيد البشري:
1/ رصيد بشري كبير:
يعد البرازيل 186 مليون نسمة يمثلون طاقة استهلاكية بفضل التحسن المستمر للدخل و تزايد نسبة التحضر كما يوفر ذلك رصيدا ضخما من النشطين بلغ 56% من مجموع السكان راهن عليه البرازيل لاستقطاب رأس المال الأجنبي و تحسين القدرة التنافسية لمنتجاته بفضل ضعف الأجور. 
2/ روح ريادية متجددة:
مثل توافد المهاجرين على البرازيل في القرن 16 احد أسباب تطوير أساليب الإنتاج و تركيز أنشطة فلاحية جديدة و مازال يستقبل إلى اليوم أكثر من ½ مليون مهاجر سنويا ، كما أسهمت الهجرة الداخلية من الشريط الساحلي في اتجاه المناطق الشمالية والغربية للبحث عن أراضي جديدة في إدماج مجال البرازيلي.
III - ثروات طبيعية متنوعة و مجهود التحكم في المجال:
1/ثروات طبيعية ضخمة: تتمثل في 
- 480 مليون هك من الأراضي الصالحة للزراعة 
- تعدد الأقاليم المناخية سمح بتعدد المنتجات الفلاحية ( مطاط ، كاكاو ) بالمناطق الاستوائية (القطن و البن وقصب السكر) بالمناطق المدارية ( الصوجا و الأرز) بالجنوب.
- شبكة نهرية كثيفة يغذيها نهر الأمازون توفر المياه للري و لتوليد الطاقة الكهربائية.
- امتداد المساحات الغابية ( توفير الخشب)
- ثروات منجميه تتميز بوفرتها خاصة الحديد ( منطقة كاراخاس المنجمية)
- تنامي الإنتاج الطاقي بفضل تكثيف عمليات التنقيب إلى جانب اقتحام مجال الطاقة النووية مما أدى إلى ارتفاع نسبة التغطية إلى حوالي 90% سنة 2005
2/ مجهودات التحكم في المجال:
- بدأت محاولات السيطرة على المجال منذ القرن 16 و ارتبطت بدورات اقتصادية متتالية ، أسهمت في توسيع المجال المعمور و ربط الأقاليم يبعضها البعض: 
* دورة القصب السكر في الشمال الشرقي
* دورة الذهب و تربية الماشية في الوسط الغربي 
* دورة المطاط في أمازونيا
* دورة البن في الجنوب الشرقي
- في القرن 20 تم تركيز شبكات نقل متنوعة بإنشاء موانئ بحرية و نهرية على طول السواحل الشمالية و الشرقية بنهر الأمازون و بعث أقطاب تنموية خاصة بالشمال مثل "مناوس" لدفع عملية الإعمار كما تم إحداث عاصمة جديدة سنة 1960 داخل البلاد و هي برازيليا عوضا عن ري ودي جنيرو للحد من التركز المفرط على السواحل لكن يبقى مشكل شساعة المجال إحدى المعوقات للتحكم في المجال لذلك يسعى البرازيل إلى تدعيم النقل الجوي و شبكات نقل الكهرباء و المعلومات لإدماج الأقاليم الريادية.
IV - تعبئة الموارد المالية الأجنبية:
1/ تدفق الاستثمارات الأجنبية:
- تدفقت الاستثمارات الأجنبية و الشركات عبر القطرية منذ 1964 نظرا للإمكانيات الضخمة و المغرية وتوفر شروط الاستثمار كضعف اجر اليد العاملة و الاستقرار السياسي و بالتالي تحول البرازيل إلى 
"جنة للمستثمرين " و أهم البلدان النامية استقطابا للاستثمارات الأجنبية .
- مكن انتشار الشركات عبر القطرية في تركيز المركب الفلاحي – الغذائي و تطوير صناعة التكنولوجيا العالية و محققة ما يزيد عن ¾ مبيعات صناعة الأدوية و 1/3 مبيعات صناعة المعلوماتية 
وترحل هذه الشركات ارباح طائلة الى اوطانها الاصلية وتساهم في تكريس التبعية المفرطة للخارج.
2/ اللجوء للاقتراض:
لجأت الدولة للاقتراض المكثف لتمويل برامج التجهيز و بناء عاصمة الجديدة و إحياء أمازونيا و تقديم الدعم للمؤسسات العمومية و منح الامتيازات للمستثمرين و قد تضاعف الدين الخارجي بـ 60 مرة منذ الـ60نات و أصبحت خدمة الدين تمثل 8.3%من الن.د.الخام وقد شارف البرازيل على الإفلاس في بداية الـ 80نات مما تطلب إعادة جدولة ديونه و القبول بشروط صندوق النقد الدولي و تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي.
- يضطر البرازيل إلى الاقتراض لإعادة هيكلة صناعاته و تحسين قدرتها التنافسية و يغتنم ارتفاع أسعار منتجاته المصدرة و تزايد فوائض ميزانه التجاري إلى التسديد الاستباقي لديونه.
حاتمة:
استطاع البرازيل تحقيق قفزة اقتصادية جعلته يحتل مكانة بارزة ضمن بلدان الجنوب إلا انه يبقى عاجزا على التحكم الذاتي في نموه الاقتصادي و استفادة كل الفئات و الجهات من ثمار نجاحه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق